يرمز برج الحمل إلى الولادة أو الطفولة المتفائلة السعيدة أبدا . و كما الطفل ينسى العالم من حوله و يتلهى بأصابع يديه و قدميه هكذا إنسان برج الحمل . نجده يدور في فلك ذاته مهتما بحاجاته أولا و أخيرا . إذا سعى إلى شيء قام بالمستحيل من أجل الوصول إليه . العالم مهم في نظره بقدر ما هو مرتبط بكيانه و وجوده . هل هي الأنانية ؟ نعم إذا اعتبرنا الأطفال أنانيين . و الحقيقة أن هـذا الإنسان لا يعي تماما ما يفعل . انه بريء براءة الطفل الذي يشفع لتلك العدائية التي عرفت عنه .
براءة أم سذاجة ؟ لا فرق ! إنها الصفة التي تحفظه في مأمن من الخوف . إنسان برج الحمل لا يخشى أحدا أو شيئا ما لم ينله الأذى فعلا . لكنه هنا أيضا ينسى بسرعة و يقع من جديد في التجربة . هو صادق غير مخادع ، يؤمن بالأشخاص و الظروف ، و يكره الكذب على الرغم من تمسكه بالأحلام و الأوهام . و هو إلى جانب ذلك نراه يرد على المشاكسة أو المجابهة بالصراخ و الضجيج لجهله أسلوب اللف و الدوران . من حسناته تعلقه بالمثالية . يدافع عن مبادئه بكل قواه . و بما أنه حر الضمير و الرأي نراه يحمل سيف الحق في يده و يحارب الغدر و الظلم أينما وجدا .
لنتساءل هل إنسان برج الحمل ضعيف حقا ؟ إن كان كذلك فضعفه من نوع خاص لأنه يفضل الموت على الظهور بمظهر المقهور . إذا تألم بكى من الداخل . دموعه عزيزة لا تظهر إلا في حالات قليلة يفوق فيها ألمه حد الاحتمال .
في ميدان العمل مكانه القمة . إذا عاكسته الظروف و لم يبلغها ظهرت عليه بوادر النقمة و الكرب . فهو يكره بشدة أن يكون تابعا و مرؤوسا .
يغلب على مواقفه التحرر و الفردية . يجود بوقته و ماله و ممتلكاته و إن كان يفتقر إلى التواضع و الرقة و اللباقة . و هو أيضا قليل الصبر سريع الانتقاد . إذا وجد في مكان عام – مطعم أو مقهى أو فندق مثلا – لا يتردد في التذمر و الشكوى و إن كان في النهاية يجزل العطاء دون حساب .
جرأة إنسان برج الحمل تدعو إلى الحيرة و الاستغراب ؛ فبينما نراه يشق طريقه بعزم و ثبات و تحد لجميع المخاطر نجده يرتعش و ينكمش أمام الأوجاع الجسدية . مثلا , لا يذهب إلى عيادة طبيب الأسنان إلا مكرها . و لما كان برج الحمل كثير التفاؤل فإنه يستطيع التغلب سريعا على الأمراض المزمنة و الأوجاع الناجمة عن الكآبة و الانقباض . ثم إنه , إلى جانب ذلك , نشيط دؤوب يحمل نفسه أكثر من طاقتها و لو وصل به الأمر إلى حد الانهيار .
من بين الصفات التي يفتقر إليها هذا الإنسان الدبلوماسية و التحايل و اللباقة وإن كان غير مستبعد أن يحصل عليها مع الوقت و بعد تجارب عديدة قاسية . هذا ولا تأتيه الثروة بسهولة و لكنه كثيرا ما يعين غيره على جنيها . يندر أن يمتلك بيتا أو عقارا . إذا نضب المال بين يديه لا يشعر بالأسى لأن أهدافه كثيرة و ليس المال أولها . و مع أنه محور نفسه إلا أنه يتمتع بروح دافئة معطاءة قلما توجد في الأبراج الأخرى . إذا خير بين المال و الشأن اختار الأخير . يحب المديح و الثناء و يحمل لواء الواقعية و المثالية في آن واحد . و هو أيضا سريع الغضب سريع النسيان و الهدوء . يؤمن بالأعاجيب و يرفض الفشل . لديه طاقات عمل و كد ترهق المحيطين به . إذا أراد الهدوء و الجد نجح في اكتسابهما و لكنه قلما يسعى إليهما قبل سن الشيخوخة أو على الأقل النضوج التام . إنسان برج الحمل أيضا ماهر في فرض آرائه على الآخرين , و في كسب الرأي العام إلى جانبه , لكنه فاشل في السياسة . و إذا وجد بعض مواليد هذا البرج بين كبار السياسيين العالميين اعتبر في الواقع في الأعمال التجارية و الفنون الخلاقة و التخطيط و التصميم .
أما في ميدان الصداقة فهو محب وفي و كريم النفس و اليد و خصوصا حين يلقى تجاوبا من الآخرين يهب من ماله و جهده و وقته و يتوقع الشكر و التقدير مقابل ذلك . من فضائله عدم التردد في إسداء الخدمات حتى لو لم ينل التقدير اللازم .
من شيمه الأخرى المواظبة و الإقدام . مثله في ذلك مثل القائد الباسل الذي يتقدم الجند إلى ساحة القتال . طبيعته الصلبة تضمن له نجاحا أكيدا و حياة طويلة و زاخرة . إنه باختصار المشعل الذي ينير الطريق أمام جميع الذين يؤمنون مثله بالمبادئ و المثل .