إذا كان الميزان مرادفا للاتزان فهل يعني ذلك أن مواليد برج الميزان هم حتما من أصحاب هذه الصفة العظيمة ؟ قبل الإجابة على هذا السؤال علينا أن نتخيل ميزانا عاديا يقوم بوظيفته التقليدية . ماذا يحدث له بالضبط ؟ ترتفع إحدى كفتيه قليلا ثم تهبط لترتفع الكفة الأخرى , و تهبط هذه بدورها لتعود الأولى إلى الارتفاع من جديد , بعدئذ تتوازى الكفتان و تتعادلان و يصبح الميزان في وضعه المثالي الذي يجسد الدقة أو التعادل أو التوازن , لا فرق . مواليد برج الميزان يسيرون بدورهم على النظام ذات اليمين و ذات اليسار , تصعد و تهبط ثم تستقر على وضع ثابت فيه كل معاني الدقة و الاتزان و ما شابهها .
يُقال عن هؤلاء الأشخاص أنهم رسل السلام و وسطاء الخير و المحبة بين أبناء البشر . إن طيبة عنصرهم , و استعدادهم للتأمل و البحث , و قربهم إلى القلوب , و حبهم للناس ( على الرغم من كراهيتهم الشديدة لكل حشد أو جمع غفير ) , كل ذلك كفيل بجعلهم أجدر من سواهم بتقريب وجهات النظر و توحيد الكلمة و الصف و استخلاص المحبة و الخير من بذور الشر و النزاع . غير أن نفسهم تنطوي على العديد من التناقضات . فهم ساذجون و أذكياء بإفراط في آن واحد . قلقون من جهة و متمهلون في اتخاذ كل رأي أو قرار من جهة أخرى . إذا انطلقوا في الحديث بات إسكاتهم صعبا , و إذا أصغوا فعلوا ذلك بكل جوارحهم . و مع ذلك لا تعود تلك الطباع المحيرة تباغت أحدا متى أخذ الشبه بينهم و بين الميزان في عين الاعتبار .
يفتقر رجال مواليد هذا البرج إلى الخشونة المعهودة في أبناء جنسهم , و النساء يفضلن ألبسة الرجال على أثوابهن التقليدية على الرغم من الأنوثة الشديدة التي يتمتعن بها .
لا أحد ينكر أن هدف مواليد برج الميزان الاعتدال في كل الميادين . و مع ذلك نجدهم يتبدلون من حال إلى حال بالطريقة نفسها التي يتبدل بها مواليد الجوزاء المعروفين بازدواجيتهم . لكن الفرق بين الطرفين هو أن مواليد برج الميزان يعرفون سلفا ما يريدون و يتعمدون التبديل بغية استعادة توازنهم الطبيعي , بينما مواليد برج الجوزاء يفقدون عادة السيطرة على أنفسهم فينقلب مزاجهم انقلابا تاما و خارجا عن إرادتهم . و بهذه المناسبة نقول أن المزاج في برج الميزان خليط عجيب من الطيبة و النعومة و الدماثة و الجدل و العناد و المنطق و التردد و عدم التراجع . يثير الجدل مثلا بسبب أبسط الأمور و القضايا , و يستعمل المنطق و الحجة من أجل المعارضة لا غير . ولا يتخذ القرارات إلا بعد الدرس و التمحيص و استعراض جميع الاحتمالات الممكنة و غيرها . لهذا السبب يقال أن مولود برج الميزان أكثر ما ينجح في ميدان التخطيط الاستراتيجي للحروب مع أنه يكره إراقة الدماء إلى أقصى حد , فإذا اضطر إلى النزول بجيشه إلى القتال عمل ما في وسعه للخروج بأقل عدد ممكن من الضحايا . ينجح هذا الإنسان أيضا كوسيط بين الأشخاص و الفرقاء و ذلك لتمكنه العجيب من تهدئة الخواطر و لقدرته على استعراض جميع وجهات النظر بروح العدالة و الموضوعية .
مولود برج الميزان مفطور على التردد و التمهل و يكره بالتالي أي استعجال يفرضه عليه الآخرون . في هذه الحالة يصبح عنيدا مشاكسا إلى درجة لا تطاق . لكن إذا ترك لشأنه قضى الساعات و الأيام في التأمل و البحث و من ثم توصل إلى نقطة اللارجوع عن أي قرار يطلع به . قد يظن البعض أن في ذلك المزاج بعض الطرافة و الهوس , لكن مواليد برج الميزان هم في الواقع أشخاص طبيعيون جدا بل في منتهى الحكمة و التعقـل . و بالإضافة إلى استقامتهم في الأعمال و الأشغال و إلى اعتدال ميزانهم العاطفي يجلون الكتاب و الكلمة و يقضون معظم أوقاتهم في المطالعة لذلك قلما يخلو بيت أحدهم من مكتبة غنية تزخر بأفضل الكتب و المنشورات .
يستطيع إنسان برج الميزان حماية نفسه من الأمراض النفسية و الجسدية الخطيرة بالعادات الحسنة التي ينتهجها في أكله و شربه و عمله و راحته . من الأمور المؤذية له الإفراط في الطعام و في الكحول خاصة . يعتبر إجمالا من أصحاب العافية الشديدة و الصحة الممتازة لولا حاجة ماسة إلى الراحة بين الفينة و الأخرى . علاوة على العقاقير التي يحتاج إليها في أوقات المرض يدخل في علاجه عنصر الهدوء و الراحة و الموسيقى و المطالعة .
من أحب الأمور إلى نفسه التوافق سواء أكان ذلك في اللون أو الصوت أو الشعر أو الكلام المقروء و المحكي . إنه ولا ريب صديق الجمال و النظافة أينما وجدا . روحه فنانة , و عقله حاد كالألماس , طري كالحرير في آن واحد . الهواء رمزه . يهيمن عليه سلام مبعثه كوكب الزهرة ( فينوس ) . سر هذا الإنسان يبدو في موقفه من الفصول الأربعة , فلا برد الشتاء و لا حر الصيف يلقيان هوى في نفسه . و هو بكل تأكيد يفضل عليهما اعتدال الخريف و الربيع .